ليس هناك جديدا في إياب الكلاسيكو الاسباني بمذاقه الاوروبي في الدور قبل النهائي لدوري الابطال ، فكما توقعت ، لم يكن هناك أي وسيلة لمنع نجوم البارسا من التأهل إلي النهائي الحلم في ويمبلي ليواجه المان يونايتد كما تشير أغلب الاحتمالات ، ولم يكن من السهل ان يحقق ريال مدريد التعويض او الانتصار، وهو ما فشل في إدراكه علي ملعبه ، والسيطرة والاستحواذ استمرت للبارسا أيضا ، ولكن بنسبة 64 % مقابل 36% ، وهي كما قلت من قبل نسبة مهينة لفريق كبير مثل الفريق الملكي ، ظهر وكأنه متفرج أو عاجز عن استخلاص الكرة من المنافس الذي بدا لاعبوه وكأنهم سحرة في السيرك ينفذون الالعاب السحرية .. وكان ميسي نجم المباراة كالعادة ، وإن لم يسجل أهدافا ، لكنه كان عقدة لاعبي الريال الذين نالوا خمسة إنذارات ، أربعة منها لاعتداء مباشر علي البرغوث الارجنتيني الذي يطير كالفراشة ويلسع كالنحلة ويحلق كنفاثة صغيرة علي المستطيل الاخضر
وهل كان هناك جديدا في المباراة ؟ نعم .. والجديد ان المباراة كانت أقل في المستوي الفني والبدني والخططي من مباراة الذهاب ، وان البارسا لم يلعب بنفس روح الاصرار علي الفوز والقتال من أجل ذلك ، ربما لأن لاعبيه كانوا يدركون ان التعادل لا بأس به لضمان التأهل ، والجديد بالنسبة للريال أن أداءه وعطائه الفني تحسن قليلا.. فقد حقق التعادل ولم يخسر ، وسجل هدفا ، وأدي لاعبوه بشكل جماعي أحسن بعض الشيء، ورفع الفريق نسبة استحواذه من 22% إلي 36%،لكن الروح القتالية للفريق تأثرت ، وربما كان ذلك بسبب حالة التشويش وعدم التركيز في الاوساط المدريدية بسبب الشكوي للاتحاد الاوروبي من أحداث وحكم مباراة الذهاب ، واعتراض مورينيو علي دوبلكير البلجيكي حكم مباراة الاياب ، بسبب إدارته مباراة إياب قبل النهائي العام الماضي بين الانتر الايطالي الذي كان يقوده مورينيو وقتها، امام البارسا وطرده لاعبا من الانتر، وبالطبع لا الشكوي استجيب لها، ولا طلب تغيير هذا الحكم وجد آذانا صاغية ، وما استفاده الريال من ضغوطه علي هذا الحكم ، أنه تجنب احتمال طرد لاعب مدريدي حتي لا تلتصق به تهمة تخفيض منافس البارسا إلي عشرة لاعبين كما يزعم مورينيو ، وبالفعل كان يمكن لحكم آخر أن يطرد لاعبا علي الاقل من الريال وخاصة كارفالو الذي نال إنذارا مبكرا ، ولم يتخل عن التهور ، ولو كان الحكم شخصا آخر غير دوبلكير ، لأخرج بطاقة صفراء ثانية لكارفالو ، لكن الحق يقال أن دوبلكير اتخذ قرارا غريبا بحرمان الريال من هدف صحيح قبل ان يسجل البارسا هدفه الاول، ففي الدقيقة 47 وفي انطلاقة لم تتكرر كثيرا لكريستيانو رونالدو كان يشق طريقه من المنتصف نحو مرمي فالديز ، فاصطدم به قلب الدفاع بيكيه وعرقله بوضوح واحترافية ومرر كريستيانو الكرة وهو يفقد توازنه ، وسقط بجسمه علي قدم ماسكيرانو.. وتتهيأ الكرة إلي هيجواين المنفرد والذي سدد الكرة داخل المرمي ، لنفاجأ بقرار غريب للحكم بإحتساب الكرة خطأ علي كريستيانو لانه تعمد الاصطدام ببكيه، وقد تصورنا في البداية أن الحكم أخطأ لايقاف الهجمة الخطرة ولم يعط الفرصة للاعب الذي تمت عرقلته او أنه احتسب اللعبة تسللا علي هيجواين ، ولكن أحدا لم يتوقع في الملعب أن يكون قرار الحكم هو اعتبار كريستيانو مرتكب الخطأ .. والاغرب أن لاعبي الريال لم يعترضوا نهائيا علي هذا الهدف الشرعي الذي لو احتسب ، لتغير تماما سيناريو المباراة .. وعموما فليس في التفاصيل الاهم سوي أجمل تمريرة في المباراة للعائد أنييستا التي سجل منها بيدرو هدف البارسا ، وأجمل مراوغة في المباراة لدي ماريا التي سدد بعدها في القائم ، لترتد الكرة إليه ، فيمررها كثاني أجمل تمريرة في المباراة إلي مارسيلو ليسجل هدف التعادل الابيض ..
ويبقي ان هذا التعادل جعل الريال- رغم فشله في التعويض والتأهل - يخرج حاملا بعض الكبرياء وليس منكسرا ، كما حدث علي ملعبه ، ولكن يبقي التساؤل: هل يتحمل ايتور كارانكا المدرب العام للريال والذي أدار فريقه من الملعب مسئولية المباراة ام يتحملها مورينيو الذي رفض الحضور إلي ستاد الكامب نو في برشلونة ، مفضلا ان يتابعها من التلفزيون في الفندق مع فتح خط هاتفي ساخن طوال الوقت مع كارانكا !.. ويظل التساؤل التكتيكي قائما: لماذا لم يلعب الريال باستراتيجية هجومية شاملة لينقذ فرصته الوحيدة ، ولماذا فشل لاعبوه في الضغط علي لاعبي البارسا لحرمانهم من أهم امتيازاتهم في الامتلاك والتمرير؟ ، ولماذا ظهر كاكا باهتا كشبح لاعب عادي وليس نجما فذا، فاز اكثر من مرة بلقب أحسن لاعب في العالم ؟، ولماذا لا يلعب لاعبو الريال بمتعة وحرية وانطلاق وتعبير عن الملكات الهجومية كما ظهروا في بعض اوقات الشوط الثاني واحرجوا البارسا ، وسجلوا في مرماه ؟
أسئلة كثيرة تعربد في جعبة مورينيو الذي عليه أن يكف عن الشكوي من التحكيم والمؤثرات التي تساند وتخدم البارسا ، أليس يعرف كمحترف كروي ومدرب كبير أن أخطاء التحكيم من عناصر لعبة كرة القدم وكثيرا ما تضررت عشرات الفرق من أخطاء التحكيم بدون هذه الشكوي و"الولولة" التي تبدو غريبة علي نادي القرن في اوروبا والعالم .. أليس غريبا علي فريق يملك حارسا بحجم كاسياس، ومدافعا شرسا وأنيقا في مستوي لاسانا ديارا، ومهاجمين سوبر في امكانات كريستيانو ودي ماريا أن يظهر مذعورا ومتراجعا ومتفرجا امام البارسا ، أما آن الاوان أن يعيد مورينيو تشكيل وصياغة فريقه وطرد الفاشلين والمرتعدين ومن فاتهم القطار ، وحمقي الملاعب علي شاكلة اديبايور.. أما البارسا ، فبلا نقاش هو يؤكد في المباريات الكبري، أنه فريق الموسيقي في كرة القدم العالمية ، يقدم متعة بلا حدود لعشاق اللعبة وهو الماركة المسجلة لكرة القدم كما يجب أن تكون .
ختاما وقبل ان اقدم درجات اللاعبين من تصور وتقييم فني ، فأؤكد للجميع ممن يشرفوني بقراءة مقالاتي أنني لا أقدم وصفا تفصيليا ولا تحليليا للمباراة ، بل اكتب رؤية فنية ووجهة نظر وانطباعات ولمحات دون ان اتطرق إلي تفاصيل ، أما الذين اتهموني بالتحيز الي البارسا ومعاداة الريال ، فهم لم يقرأوا لي من قبل، واحمد الله أنهم لا يزيدون علي عشرين او ثلاثين شخصا من عشرات الالاف الذين قرأوا مقالي السابق ، ولي معكم لقاء قريب لتعرفوا أن كاتب هذه السطور بكل تواضع ، هو أحد عشاق ورواد مدرسة الحياد في الصحافة الرياضية عبر تاريخ طويل عاشه وسط مدارس التحيز والتعصب والالوان والمتكسبين من ذلك ، فرفض كل هذه التيارات واحتفظ باستقلاله المهني وكبرياءه الادبي .. وبقي يكتب بجرأة وموضوعية ما يتصوره وما يعتقد فيه أنه الحق، ولم يضره يوما الاختلاف في الرأي او التعرض للنقد ولم يرهبه أبدا تفاهة بعض المتعصبين أو غباء بعض المتنطعين او سفاهة بعض الذين لا يعرفون آداب الحوار او التخاطب.. وفي" كووورة" دائما ستبقي حرية الرأي الرياضي للجميع، ماداموا يملكون القدرة علي التعبير بأدب واحترام وموضوعية وتقبل الرأي الآخر والبعد عن التعصب المقيت والمهاترات.