في البداية ، ما هو الشعر ؟ الشعر هو الكلام الموزون و المُقفى ( إن كان عموديًّا ) و قد يتحرر من القافية ( إن كان شعراً حُرًّا ) .........
و الشعر ينقسم إلى عموديّ ، و حر ..... و سأقوم بشرحهما فيما بعد ......
علم أوزان الشعر يُسمّى علم العروض ........ و قد أسَّسَهُ الخليل بن أحمد الفراهيدي ....
لقد كان العرب قديماً يكتبون أشعاراً موزونة تبعاً لنغمات موسيقية عندهم ، و لكن حديثاً احتاج المتعلّمون إلى أسلوب منهجي لتعلم الشعر ، لذلك ابتكر الفراهيدي ما يُسمّى ( التفعيلات ) ....
التففعيلات هي ألفاظ قد لا يكون لها معنى ، و لكنها تعبّر عن نغمة موسيقية معيّنة ، و بها يتم تحديد نوع النغمة للبيت الشعري ، و هو ما يُسمّى بالبحر ....
إذا ، ما هو البحر الشعري ؟ هو عبارة عن عدد من التفعيلات المتشابهة أو المختلفة ، و التي تتكرر في شطري ( نصفي ) البيت الشعري .
و هناك ستة عشر بحراً شعريًّا .
سأقوم بشرح بعضهم فيما بعد ...
و البيت الشعري له شطرين ، الشطر الأول يُسمّى الصّدر ، و الثاني يُسمّى العجز ...
أما في الشعر الحرّ ، فإن البيت يُسمّى السطر الشعري ، و قد يختلف طول البيت ، لكن لا تختلف نغمته .......
و الآن ، ما الفرق بين الشعر العمودي و الحرّ ؟
الشعر العمودي يلتزم بقافيةٍ موحّدةٍ ، و بحر ٍ شعري واحد ، تتساوى فيه عدد التفعيلات في كل شطر من جميع أبيات القصيدة الواحدة ....
.......... قد تشعرون بالتعب في حفظ هذه المصطلحات ، و لكن عند التطبيق سيصبح الحفظ تلقائيًّا إن شاء الله ...
التطبيق :
سأبدأ بالشعر العمودي ، و هو الأقدم ....
مثال :-
قال أحمد شوقي : أبا الزَّهْراءِ قد جاوزتُ قدري -* بمدحك بيد أنَّ لِيَ انْتِسابا
هذا البيت على البحر الوافر ، و تفعيلاته : مفاعلتن مفاعلتن فعولن ( في كل شطر )
تفعيلة ( مفاعلتن ) لها جوازين ( شكلين ) ، إمّا أن تكون ( مُفاعَلَتُنْ ) أو تكون ( مُفاعَلْتُنْ )
إذا قمنا بتحليل البيت عروضيًّا ( موسيقيًّا ) سنلاحظ هذا الوزن الموسيقي ...
ملاحظة : ( في التحليل نكتب كما نسمع )
أ / بَزْ / زَهْـ / را / ءِ / قد / جا / وز / تُ / قد / ري -* بـ / مد / حـِ / كَ / بيـْ / دَ / أنْـ / نَ / لِـ / يَنْـ / تـِ / سا / با
و الآن ، لنحاول أن نحلل التفعيلات :
مـُ / فا / عَلْـ / تُنْ / مُـ / فا / علـ / تن / فـ / عو / لن -* مُـ / فا / عَـ / لَـ / تُنْ / مُـ / فا / عَـ / لَـ / تُنْ / فـ / عو / لن
قارن التحليلين ، و ستجدهما متطابقين ...........
فقد استعمل شوقي في الصدر تفعيلة ، مفاعَلْتُن و تفعيلة فعولن ، بينما استخدم تفعيلة مفاعَلَتُنْ بالإضافة إلى فعولن في العجز ......
مثال آخر :-
قال الشابّي : إذا الشعبُ يوماً أرادَ الحياة -* فلا بُدَّ أن يستجيبَ القدرْ
هذا البيت على بحر المتقارب ، تفعيلاته : فعولن فعولن فعولن فعولن
تفعيلة فعولن قد تأتي على شكلين في نهاية البيت ، قد تكون (فعولْ) أو (فعولنْ)
و في أيّ موضع ٍ آخر ، قد تكون ( فعولن ) أو ( فعولُ )
إذا قمنا بتحليل البيت عروضيًّا ( موسيقيًّا ) سنلاحظ هذا الوزن الموسيقي ...
ملاحظة : ( في التحليل نكتب كما نسمع )
إ / ذشْ / شَعْـ / بُ / يَوْ / من / أ / را / دلـ / حَ / ياه -* فـ / لا / بُدْ / دَ / أنْ / يَسْـ / تَـ / جيـ / بلْـ / قَـ / درْ
و الآن ، لنحاول أن نحلل التفعيلات :
فـ / عو / لن / فـ / عو / لن / فـ / عو / لن / فـ / عولْ -* فـ / عو / لن / فـ / عو / لن / فـ / عو / لن / فـ / عولْ
و الآن قارن التحليلين ، و ستجدهما متطابقين ....
...............................................
و هذه بعض البحور مع الأمثلة ، أرجو أن تستفييدوا منها :-
البحر الطويل :
طويلٌ له بين البحور فضائلُ -* فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
أخافُ مجيئَ الهجر ِ وَهْيَ قريبة ٌ -* و أشتاقُ إذ عيني تراها و أُفْتَنُ
فما بال قلبي في البعادِ و إنهُ -* مماتي ، فإنَّ النَّبْضَ في الهجر ِ ساكِنُ
( من تأليفي )
البحر الوافر :
بحورُ الشِّعْر ِ وافِرُها جميلُ -* مُفاعلتن مفاعلتن فعولن
و كنتُ إذا سألتُ القلبَ يوماً -* تَوَلّى الدَّمْعُ عن قلبي الجوابا
و لو خُلِقَتْ قُلوبٌ من حديدٍ -* لما حَمَلَتْ كما حَمَلَ العذابا
( أحمد شوقي )
البحر الكامل :
كَمُلَ الجمالُ من البحور الكامِلُ -* متفاعلن متفاعلن متفاعلن
و وَدَدْتُ تَقْبيلَ السّيوفِ لأنَّها -* لَمَعَتْ كبارق ِ ثغركِ المُتَبَسِّم ِ
( عنترة )
بحر المتقارب :
عن المُتَقاربِ قال الخليلُ -* فعولن فعولن فعولن فعولن
إلى كلِّ من لم يَذُقْ كأسَ حُبٍّ -* دَع ِ الْكَأْسَ إنَّ سِقاكَ شقاكَ
( من تأليفي )
.................................................. .................................................. .................................................. ..............................
و الآن ، سندخل إلى الشعر الحر ....
الشعر الحر لا يحتاج قافية ( نهاية موحدة للأبيات ) ، و لا يحتاج إلى بحر ٍ شعريّ ، و إنما يحتاج إلى تفعيلة معيَّنة تقوم بتكريرها كما تشاء ، و لكنك بقدر الإمكان تحاول أن تجعله مسجوعاً لتعويض القافية .....
مثال : -
ققالت فدوى طوقان :
( على أطلال يافا يا أحبّائي ...
و في فوضى حُطام الدور بي الرّدم ِ و الشـَّوكِ
و ققفتُ و قلتُ للعينينْ
قِفا نبكِ
على أطلال من رحلوا و فاتوها )
نلاحظ أن السطر هو البيت ، و أن السطر يختلف طوله .....
كما نلاحظ ان التفعيلة المستخدمة هي تفعيلة البحر الوافر ( مففاعلتن ) ....
إذا حلّلنا السطر الأوّل سنجد :
عـ / لى / أط / لا / لِـ / يا / فا / يا / أ / حِبْ / با / ئي
و هما على وزن تفعيلة ( مُفاعَلْتُنْ ) مكرررة مرتين ....
و ليس هناك بحور محددة للشعر الحر ، فأيّ تفعيلة تصلح لتكوّن قصيدة ......